خوفو والهرم الاكبر

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

معاناة آثار الإسكندرية مستمرة رغم جهود الأثريين السكندريين 


بقلم   محمود رزق
جريدة القاهرة  - 19 - 6 - 2010   - العدد    628


عندما فتح الاسكندر مصر منذ نحو 2300 عام وامر بتشيد عروسه الخالدة في احضان البحر المتوسط ظلت الإسكندرية عاصمة لمصر اكثر من 970 عاما تقريبا حتي الفتح العربي واتخاذ مدينة الفسطاط عاصمة علي يد عمرو بن العاص.. وهي ميناء مصر الاول من عهد البطالمة وحتي الان وربما قبل ذلك في عصور الفراعنة المتأخرة فسطرت علي مر الازمنة والعصور تاريخا كبيرا وتركت لنا فيه الآثار العديدة والمتنوعة بين الفرعونية المنقولة واليونانية الرومانية والقبطية والاسلامية والغارقة في قاع البحر والتي تعد جزءا كبيرا من تاريخ مصر لا يمكن انكار دورها وتعرضت مواقع الإسكندرية الأثرية خلال ثورة 25 يناير إلي تعديات ومخالفات قانونية في حق الآثار وانتهاكات لحرم المناطق الأثرية لم تشهده عبر تاريخها الطويل.. في البداية يذكر لنا د. محمد مصطفي عبدالمجيد مدير عام منطقة آثار الإسكندرية أن المدينة شهدت نوعين من التعدي سواء داخليا في منطقتي ماريا وبرج العرب الأثريتين أو خارجها بلغت تقريبا 100 فدان وانه تم تسجيل التعديات وعمل المحاضر اللازمة لها وارسالها إلي الوزارة في القاهرة لاتخاذ قرارات الازالة اللازمة للتعديات وبعد الرد ارسلت إلي ديوان المحافظة من منطقة آثار اسكندرية لتنفيذها حيث وافقت المحافظة علي البعض منها لكن لم يتم تنفيذها إلي الان بسبب عدم تحرك الأجهزة الأمنية مما ادي لزيادة التعديات علي الآثار. و اشار إلي أن بعض المواطنين يهدمون ويبنون داخل مناطق اثرية مهمة مثل الحي الملكي في منطقة حي وسط دون الرجوع للاثار مما يؤدي لضياع الشواهد الأثرية علي الرغم من تواجد بعض المواطنين الشرفاء الذين ابلغوا عن وجود شواهد اثرية في اراضيهم أو اراضي مواطنين اخرين . علي صعيد اخر يقول الاثري الشاب تامر محمد ذكي المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية: إن الآثار الإسلامية والقبطية كانت مؤمنة جيدا وخاصة قلعة قايتباي عن طريق الجيش بعد انسحاب الشرطة يوم 28 يناير وتوجه الاثريين في اليوم التالي وتمموا علي المواقع واستمر العمل يدور بشكل دوري من وقت لآخر. لكن ظهرت مشكلة خاصة بمنطقة آثار الإسكندرية كاملة هي مشكلة المباني العشوائية الشاهقة الارتفاع التي ظهرت فجأة والتي تؤثر علي مناطق اثرية عديدة منها منطقة كوم الناضورة الأثرية بالمنشية حيث اترقت العمائر قانون رئيس مجلس الوزراء بحظر ارتفاع المباني بما لايزيد علي ثلاثة طوابق لانه يؤثر علي بانورما المنطقة الأثرية وتم تحرير عدة محاضر بكل طابق من الطوابق سواء في شرطة السياحة أو الآثار أو قسم الشرطة التابعة المنطقة له إلي جانب مكتبات للاحياء لا تعد ولا تحصي جاءت برد متاخر من الحي بانه جار حاليا الحصر اللازم لجميع المخالفات الموجودة في المنطقة لاتخاذ الاجراءات اللازمة في المنطقة. واشار ايضا إلي أن منطقة دير المارمينا تعاني ن مشكلات تعدي بعض الاعراب علي جزء من المنطقة الأثرية وبناء الغرف الخاصة بهم لكن بالفعل تم تحرير المحاضر واتخاذ الاجراءات القانونية لتلك المخالفات وحصرها لازالة التعديات وتم اخطار المحافظ ومدير الامن ومدير المنطقة الشمالية العسكرية نظرا لان المنطقة تعاني بعض الحساسية قد تتعدي فيما بعد مشكلة مبني لقيام فتنة طائفية تحدث في المكان لتواجد الدير في الموقع ورفض بعض الاهالي قيام الدير باي اعمال هناك وحدوث بعض الاحتكاكات ونتمني من الجهات المختصة سرعة اتخاذ الاجراءات المناسبة ضد التعديات حفاظا علي الموقع الاثري ومنع حدوث اي مشكلات اخري تنجم عنها. وذكر أن التغيير الوحيد الذي حدث بعد ثورة يناير في مواقع الآثار الإسلامية والقبطية هو توقف كل مشاريع الترميم التي كانت تعمل قبل الثورة علي مراحل مختلفة خلال اشهر قليلة بسبب ضعف الامكانيات المادية التي تواجهها وزارة الآثار حاليا والمديونات التي تعرضت لها فاصبحت لا تستطيع توفير التزاماتها تجاه شركات المقاولات التي تقوم باعمال الترميم مثل مشروع ترميم مسجد ابراهيم دربالة بالمنشية ومسجد عبدالباقي في الحي التركي وكشك الشاي بالمنتزه والمتحف اليوناني الروماني ومشروع ترميم منطقة دير ابومينا الأثرية في منطقة برج العرب واخطر تلك المشكلات هو مبني محكمة الحقانية التي تشير التقارير الهندسية المقدمة من شركة المقاولات المكلفة به إلي ضرورة الترميم العاجل له لكن واجهتنا مشكلتين الاولي هو رفض رئيس المحكمة اخلاءها للقيام باعمال الترميم والثانية هو عدم توفر الاحتياجات المادية اللازمة لبدء اعمال الترميم ولقد ارسلنا مخاطبات كثيرة لرئيس المحكمة بضرورة الاخلاء الفوري لها لوجود خطورة كبيرة حيث إن المبني مهدد بالانهيار في اي لحظة ويوجد تحركات في التربة وتصدع في المبني نفسه وحركة في قبته مما يمثل خطورة لان المبني محاط بالاسواق إلي جانب فقدان اثر مهم وذلك طبقا لتقرير وزارة الآثار واللجنة المشكّلة من قبل رئيس المحكمة.

جهود لتطوير آثار الإسكندرية

و اشار د. محمد مصطفي عبدالمجيد إلي أن العمل الاثري يتحرك في اكثر من مسار تتعلق بمسألتين مهمتين اولهما يتعلق بالتوثيق العلمي القديم والحالي بحيث يصبح هناك ارشيف متطور للمناطق الأثرية يمكن التعامل معه واعادة ترتيب الملفات وعمل مسح شامل للملفات الجديدة والقديمة والمسألة الاخري تتعلق بالحفائر حيث تم اقامة تدريبات في التخصصات المختلفة لبعض المفتشين ووضع نظام جديد لحفر الاساسات لضمان شفافية العمل وذكر د. محمد أن السبب الاساسي لعمل ذلك هو أن الاثري باحث وبالتالي هدفه الاساسي هو الحفاظ علي الآثار الموجودة لذلك تم تعديل التعامل مع ملفات حفر الاساسات بشكل عام ورفع القياسات وضم اقرب المواقع الأثرية وتغيير طريقة البحث نفسها عن الآثار وفي حاله ظهور اي شواهد اثرية يتم تحويل الموقع الي حفائر اثرية . وذكر ايضا أن كل المواقع التي ظهرت بها آثار رفعت طبوغرافيا ومعماريا بدقة شديدة واصبح هناك ارشيف مستقل وواضح لكل عمل وموقع مرفق به أسطوانة مدمجة للموقع وتم اقامة لجنة ضم واخضاع الاراضي المعروف وجود آثار بها وتسريع اجراءات الضم وعمل خريطة اثرية للاسكندرية تحتوي كل المناطق التي عثر فيها علي آثار وذلك لسببين مهمين الاول منهما هو وجود شكل واضح لتوزيع الآثار في الإسكندرية يسهل علي الجهات الاخري التعامل مع المناطق الأثرية وتحديد موقعها واخضاع كل المدينة والسبب الاخر هو عند عمل حفر اساسات يكون هناك قاعدة بيانات واضحة للمواقع الأثرية تحدد الموقع بسهولة ومعرفة ما يمكن العثور عليه في هذا الموقع مقارنة بالمناطق الاخري القريبة وتسهيل الامر علي الدارسين داخل وزارة الآثار أو خارجها وايضا تحديد اعماق الآثار في المناطق . واختتم حديثه قائلا إن الهدف الاساسي هو توثيق الآثار والعودة للاتجاه العلمي بمنطقة آثار الإسكندرية والتي يجب أن تسير في الوزارة بشكل عام والخروج من عبء العمل الاداري والوظيفي الذي يهتم بالاوراق اكثر من الموقع وربط جهات الاتصال مع بعضها البعض وفتح قنوات اتصال جديدة مع كل الجهات المعنية مثل مكتبة الاسكندرية والجامعة وقصور الثقافة ورفض حالة الانعزال وان الجميع يجب أن يتكافل للعمل علي اصلاح البلاد . علي النحو الاخر استأنف أ. تامر محمد ذكي حديثه عن حال المواقع الأثرية بشكل عام والاسلامية خاصة فقال انه لابد من وجود متنفس جديد يتمثل في تأهيل وفتح مواقع اثرية جديدة للزيارة حتي لا يصبح الامر مقتصرا علي قلعة قايتباي فقط وتطوير المواقع الجديدة وفتحها للزيارة لزيادة عدد مواقع اسكندرية علي خريطتها السياحية ويزيد الرواج السياحي للمدينة حيث تقتصر مناطق الزيارة في الإسكندرية علي قلعة قايتباي والمسرح الروماني وعمود السواري والمكتبة وانه بعد غلق المتحف اليوناني فقدت مصر مزارا عالميا مهما لذلك لابد من ترميم وتطوير المواقع الأثرية وتسليط الضوء عليها لاعادة تنشيط السياحة وزيادة الدخل . ايضا عمل برامج تثقيف وتوعية للمصريين تتماثل مع الاجانب واستغلال الحالة التي ظهرت خلال وبعد ثورة 25 يناير، حيث قام المصريون بحماية المتحف المصري والمواقع الأثرية وظهرت العديد من البلاغات عن اعمال السرقة والحفائر بدون ترخيص وكان لابد أن ينمي الاعلام هذا الدور ويستغله الاستغلال الامثل في ترويج الوعي الاثري والسياحي لدي المواطنين وتسليط الضوء علي هذه الاحداث وعمل برامج توعية سواء مسموعة أو مرئية أو مقروءة وانه لابد البدء بالنشء الصغير سواء في المدارس أو البيت نفسه وفتح الرحلات الداخلية للمناطق الأثرية المختلفة وبالمثل عمل زيارات توعية في المدارس خاصة أن الضوء كان مسلطا علي مناطق السياحة الترفيهية مثل الغردقة وشرم الشيخ علي الرغم من وجود مناطق اخري مهمة يمكن الاستفادة منها. و اشار إلي أن مناطق الزيارات تتعرض نتيجة لقلة الوعي الاثري والزيارات الكبيرة في الاعياد والاجازات إلي مخالفات وسوء تعامل مع الموقع وصلت لحد الكتابة علي الاثر واثار سلبية اخري عديدة واعتبر الامر بمثابة عار علي المصريين في طمس اثارهم بايديهم. و في حديثه عن شرطة السياحة والاثار قال انا لا اؤيد وجود عسكري الشرطة بالزي التقليدي واسلوبه داخل الموقع الاثري فلابد من تعيين افراد شرطة تصلح للتعامل مع السائحين من الاجناس المختلفة ويكونون علي قدر من الثقافة واللغات اما عن اماكن تواجدهم فيجب أن يكون خارج المنطقة الأثرية وليس بالدخل لان وظيفتهم هي حماية المنطقة الأثرية من الخارج وحماية العاملين في المنطقة والزائرين المصريين والاجانب وذلك لم يحدث حيث تخلت عناصر الشرطة عن اماكنهم خلال احداث ثورة 25 يناير وقام الاثريون بحماية المناطق الأثرية لكن لابد علي وزارة الآثار أن تنظر إلي عناصر الامن المتواجدة والمعينة لديها حيث يجب أن تكون علي قدر من التعليم والثقافة يتناسب مع عملهم في المناطق الأثرية ويسمح بتعاملهم مع الزوار ويستفاد منهم ويتم عمل قطاع خاص بالامن ذي مميزات خاصة يستطيع القيام بدوره الامني علي اكمل وجه وفي حالة عدم توفر ذلك لابد من توفير شركات امن خاصة تقوم بحماية المواقع الأثرية المهمة والمفتوحة للزيارة ووصف ما قام به افراد الشرطة من اعتصام وغلق منطقة المسرح الروماني بأعمال البلطجة حيث منع دخول وخروج الزوار المصريين والاجانبية والعاملين من والي المنطقة لتحقيق بعض المطالب الفئوية الخاصة بهم والتهديد بالتخلي عن المواقع مما اصبح يمثل خطورة علي المناطق الأثرية في حالة تخليهم عنها وتعرضها للنهب والسرقة.