محمود رزقجريدة القاهرة 2012-04-17
نظم برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الاسكندرية ، بالتعاون مع جمعية محبي التراث القبطي مؤتمرا حول التراث القبطي في افريقيا وصرح د. اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية أن المؤتمر جاء في ظل اهتمام المكتبة بالتراث القبطي الذي يمثل مرحلة مهمة من مراحل المجتمع المصري ويجسد اهتمامات المكتبة بالروابط الحضارية والتاريخية الوثيقة التي تربط مصر بامتدادها الافريقي . واشار د. خالد عزب مدير ادارة المشروعات بمكتبة الاسكندرية إلي مشاركة عدد من الدول الافريقية في المؤتمر ومنهم جنوب افريقيا واثيوبيا وكينيا تشير بوضوح الي الاهتمام بالدور الحضاري المحوري الذي تلعبه مصر في التقارب بين الحضارات. ومن جانبه اوضح المهندس سامي متري أن المؤتمر يتضمن عدداً من المحاضرات لنخبة من المتخصصين في مجالات الموسيقي والعمارة والفن والتاريخ والآثار القبطية ومجموعة من ورش العمل ومعرضاً فنياً للايقونات القبطية والتراث القبطي. افتتح المؤتمر كل من السفير علي ماهر، رئيس قطاع العلاقات الخارجية بمكتبة الإسكندرية، ونيافة الأنبا مارتيروس، الأسقف العام، والذي ألقي كلمة الأنبا باخوميوس، قائم مقام الكنيسة الأرثوذكسية، والدكتور محمود درير غيدي، سفير إثيوبيا في مصر، والدكتور لؤي محمود سعيد، مشرف برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، والمهندس سامي متري، رئيس جمعية محبي التراث القبطي. بدأ المؤتمر السفير علي ماهر مؤكدا علي أن تراث مصر له امتدادات واسعة داخل القارة الافريقية والمؤتمر سيلقي الضوء علي هذا الدور وأن مصر تمتعت بعلاقات وثيقة مع دول افريقيا من زمن بعيد ومازالت وخاصة اثيوبيا التي تشارك بشكل مميز في المؤتمر واشار إلي أن المكتبة تنظم هذا المؤتمر ايمانا وانطلاقا من دورها كمؤسسة ثقافية مصرية تنفتح علي العالم وينفتح عليها في اطار سعيها لتكون منارة مصرية عالمية للفكر الحر. والقي الأنبا مارتيروس الاسقف العام كلمة الأنبا باخوميوس قائم مقام الكنيسة الأرثوذكسية- حيث اشار إلي العلاقة الوثيقة بين الكنيسة القبطية والكنائس الأفريقية، وأهمية المؤتمر في التأكيد علي وحدة الشعوب الأفريقية. وطالب بإنشاء قسم خاص بالدراسات الأفريقية في الجامعات والمعاهد المصرية لدعم وتوطيد العلاقة المتجذرة بين الشعوب الأفريقية. واكد أن الكنيسة القبطية لم تدخر جهدا في مساعدة الشعوب الافريقية في المناحي الايمانية والتنموية فقد عملت الكنيسة القبطية في الوصول إلي دول المنبع لنشر القيم المسيحية وكان ذلك علي يد البابا اثناسيوس الاسكندري في منتصف اقرن الرابع الميلادي والذي قام برسامة افرومنتيوس ليكون اسقفا علي الحبشة وقد ظلت الكنيسة القبطية ترسم اساقفة لإثيوبيا حتي وقت قريب وارسال الخدام والكهنة والرهبان علي مر العصور إلي اثيوبيا وأن هذا يعد جسراً للتواصل الحضاري والثقافي والروحي بين مصر واثيوبيا والسودان. وأن العلاقة مع هذين البلدين مثمرة جدا منذ وقت بعيد علي المستوي السياسي والحضاري والثقافة والاجتماعي. مؤكدًا أن إثيوبيا كانت مدخل الكنيسة القبطية لدخول أفريقيا والتعمق فيها فقد قام البابا اوساب في النصف الاول من القرن العشرين بارسال الراهب اسحاق من دير الانبا بيشوي بوادي النطرون واسس كنيسة في جوهانسبرج ودعم البابا شنودة الثالث خدام الكرازة في افريقيا وزار اثيوبيا وحرص باباوات الكنيسة علي ذلك وأن الطبيعة الجغرافية لدول المنبع ساعدت علي تعزيز وحدة الرأي والترابط لمنفعة الشعوب الأفريقية كلها. وتحدث السفير محمود درير غادي سفير اثيوبيا عن الصلات الحضارية والانسانية التي يتمتع بها المسلمون والمسيحون في اثيوبيا حيث ذكر انه نشأ في عائلة مسلمة وفي نفس الوقت درس الانجيل ، وأن الشعب الاثيوبي لديه اعتقادات راسخة أن الكتب السماوية كلها تعود إلي الله لذلك فان مسلمين كثيرين يعرفون الانجيل وكثير من المسيحيين يعرفون القرآن. وقال إن إثيوبيا تعد منبع الحياة لأبناء حوض النيل جميعًا، كما أن الكنيسة القبطية الوحدانية تتمتع بمكانة عريقة في تاريخ إثيوبيا، وأن الإنجيل يذكر إثيوبيا باسمها أكثر من 40 مرة في العهد القديم، مما يدل علي أهمية هذه الأرض، بخلاف أن هناك علاقة تاريخية وطيدة تجمع مصر وإثيوبيا منذ العصر الفرعوني، ويظهر ذلك في مجالات متعددة، حيث تتميز الكنيسة الإثيوبية بأيقوناتها العفوية والجميلة، تأثرًا بالكنيسة القبطية، كما أن الترانيم القبطية أثرت تأثيراً كبيراً في الموسيقي التقليدية الإثيوبية بشكل عام. وأكد د. لؤي محمود سعيد، مشرف برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية، علي أن برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية هوأول كيان مصري يهتم بالتراث القبطي خارج نطاق الكنائس والأديرة المصرية، ويسبق جميع الجامعات والمؤسسات المصرية وأن البرنامج يتبني مفهوم "التراث القبطي تراث لكل المصريين"، علي أنه شأن وطني ولا يخص المسيحيين وحدهم معربا عن أمله في أن يلعب التراث دوراً محورياً في نزع فتيل الاحتقان الذي قد يندلع بين الحين والآخر، وأن يكون التراث أحد دعائم مصر الجديدة ومستقبلها بعد الثورة، مشيرا إلي أن برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية في طور إطلاق أول موقع عربي علمي للقبطيات علي الإنترنت، ليشمل كل فروع علم القبطيات. وذكر أن الهدف من المؤتمر هوالتعريف بأهمية تراث مصر القبطي خارج حدوده الإقليمية عبر التاريخ والتأكيد علي الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه في مستقبل مصر وقضاياها الإقليمية لأن هذا التراث ينال احتراماً كبيراً لدي الشعوب الافريقية. لا سيما إثيوبيا التي كانت كنيستها الأرثوذكسية تتبع الكنيسة المصرية حتي وقت قريب. كما اشار إلي أن برنامج الدراسات القبطية خطا عدة خطوات منذ تأسيسه لزيادة الوعي بالتراث القبطي، وتنظيم مجموعة من الدورات التدريبية في القاهرة والإسكندرية لتعلم اللغة القبطية وكذلك تم عقد اتفاقية تعاون مع المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، وأخري مع الجامعة الكاثوليكية بأستراليا، واتفاقية مع مركز التراث القبطي. المحاضرات وورش العمل تضمن المؤتمر مجموعة من المحاضرات وورش العمل في العمارة والفن والتاريخ والآثار والموسيقي القبطية ، كان من بينها الدور المعاصر للكنيسة القبطية في افريقيا حيث القي د . جوزيف رامز الضوء علي العقود الاربعة الماضية التي اعتلي فيها البابا شنودة الثالث كرسي البابوية ودور الكنيسة القبطية في افريقيا وعلاقتها المتشعبة في القارة مع حكومات الدول الافريقية وتقيم علاقاتها مع مجموعة من المؤسسات الكنسية العالمية والاقليمية ذات الصلة الوثيقة بافريقيا ، كما قدم م. سامح عادلي دراسة معمارية عن كنائس النوبة المسيحية وذكر أن العمارة النوبية علي الرغم من قلة الخامات المتاحة للبناء الا أن المعماري النوبي ابدع في صياغتها باستخدام الطين الذي شكل منه نمط القبو النوبي واستخدم في جميع طرز العمارة النوبية الكنسية من البازيليكات العظيمة إلي اصغر كنائس القري النوبية ، بينما القت د. ميرفت صليب الضوء علي القباب في مصر وافريقيا وتأثرها بالمناخ الافريقي الحار ورمزها ونشأتها وتطورها وعن العلاقة بين الفن القبطي والفن الافريقي تذكر اريني القمص بيشوي أن هناك قوة نبض بين الفن الافريقي والفن القبطي حيث تأثر كل منهما بالآخر ولكل منهما تاريخ عريق وتأثير قوي ليس علي المستوي الاقليمي فقط بل علي المستوي العالمي ايضا ، وذكرت د. راندا بليغ في محاضرتها عن الآثار القبطية في متحف الخرطوم وانتشار المسيحية في النوبة ، انه قد بدأ انتشار المسيحية في السودان عن طريق الكهنة المصريين من ناحية وايضا الاباطرة الرومان في بيزنطة وأن ثيودورا المصرية الارثوذوكسية زوجة الامبرطور يوستينيانوس ارسلت كاهنا يدعي يوليانوس للجنوب وكانت سببا في تحول عدد كبير من الوثنيين إلي المسيحية. تلي العديد من المحاضرات مجموعة من ورش العمل القت الضوء علي مستقبل الدراسات القبطية في مصر وشهادات علمية للخدمة في افريقيا والآثار القبطية في افريقيا والفنون والعمارة القبطية واللغة والفلولكلور القبطي ومشروع موقع '' القبطيات " علي شبكة المعلومات باللغة العربية الخاص بمكتبة الاسكندرية